سيدتي الجميلة.. كوني ذات حيلة واجعلي مائدتك الرمضانية بسيطة ومختلفة
دانيا دالي خبيرة فنون العيش – كيد النسا
تعتبر المائدة الرمضانية المغربية من الموائد الجميلة والرائعة التي تجمع بين المالح والحلو الذي تمتاز به موائدنا بصفة عامة وفي رمضان بصفة خاصة.
الا أنها عرفت تحولا كبيرا بالانفتاح على ثقافات أخرى كما عرفت نوعا من البذخ و نوعا من الاختلاف والتباين من أسرة لأخرى بعد أن كانت نمطية إلى حد كبير .
فلقد كان المغاربة ولعهد غير بعيد يكتفون بتمر وباكور مجفف (الشريحة ) شباكية أو مخرقة، سلو أو السفوف أو التقاوت نسبة للقوت، وفطائر محلاة كالبغرير أو خنفرة (شبيه القطايف)، البطبوط أو المخمار (قريب من العيش الشرقي ) مسمن أو رغايف شبيه المشلتت المصري.
ملحوظة، المقالة سبق نشرها بمواقع أخرى باسم الكاتبة نادية الصبار
وكلها فطائر تتوحد من حيث المكونات وتختلف من حيث طرائق الصنع مما ينعكس تباعا على شكلها ومذاقها، بالإضافة إلى حريرة بيضاوية أو فاسية أو حساء الدشيشة سميد الشعير أو القمح، ودون نسيان الشاي أو القهوة حسب المناطق.
فلقد كانت بحق مائدة بسيطة يتساوى فيها الغني والفقير مع بعض الفوارق، يتلوها في الغالب الأعم طاجين مغربي للعشاء وسلطة مغربية وتحلية اعتيادية: جزر مبشور وبرتقال معصور مع القرفة.
باستثناء بعض المناسبات؛ كليلة السابع والعشرين التي يحضر فيها طبق الرفيسة أو التريد ويجتمع حوله الأهل والأحباب، لتبقى وجبة السحور مسك الختام.
أما اليوم؛ فلم يعد هناك احترام للتدرج في الوجبات، فماكان يعد للعشاء مالحا ودسما أصبح يخضر بألف لون وألف طريقة في وجبة الإفطار، بل وتتداخل الوجبات مع بعضها البعض،حلوها ومرها، ساخنها وباردها في وجبة واحدة ولكل ماشاء وكل فرد ينفرد باختيار ما يرغب في أن يبدأ به وينهي بطريقته.
مما جعلها مستعصية في التحضير والتوزيع، وما يزيد الأمر حدة والطين بلة، عندما تستضيف عائلة عائلة أخرى، فعلى العائلة المضيفة أن تحترم جميع الرغبات؛ بل أكثر من هذا أن تتوقع جميع الرغبات التي صارت تخضع للمزاجية، وإلا ذهبت الأعباء أدراج الرياح وكانت الضيافة محبطة للآمال .
لذلك لا بد من تحضير شاي مغربي وقهوة وحليب وعصير برتقال وأفوكادو بالإضافة لكوكتيل فواكه.
فطائر محلاة ومحشيات ومملحات بتونة ولحم مهروش أو صدر الدجاج أو الديك الرومي، بيتزا وأسماك مقلي.
بل هناك من ذهب لأكثر من ذلك، فقد يكون طبق الهركمة (الكواعي) أو التقلية أو طاجين الكفتة والبسطيلة داخلا في وجبة الإفطار التي دمجت الوجبتان معا: الإفطار والعشاء مما صار معه التزاور عبئا ثقيلا جدا على المضيف وحرجا للضيوف.
وإذا ما عدنا للغايات من الصيام، فنجدها مستبعدة وبدل التقلل في شهر الامتناع، فقد صار فرصة للتبذير وللتباهي.
بل تزيد المغريات من الإنفاق والإسراف وهدر الوقت في تحضير الوجبات والتفنن في الوصفات، ولا حديث للناس إلا عن القفة وتبعاتها، بل قد تتبادل النساء عبارات التهاني في الهواتف وعلى شبكات التواصل الاجتماعي مرفوقة بجملة صارت اعتيادية (رسلي لي شي شهيوة ساهلة ولذيذة ).
ونظرا للجبر والإغراء الذي لا يمكن لمدبرة البيت وحدها مقاومته إلا بوعي أسري كامل، وحتى في وجوده لابد من الأخذ بعين الاعتبار الساعات الطوال للصيام وشئ من التواطء والخضوع لإكراهات الظرف الذي نعيشه والذي سمته الإسراف وغياب المقاومة وضعف الممانعة.
لذلك أدعوك سيدتي الجميلة لأن تكوني ذات حيلة، ولتحاولي على الأقل أن تكوني وسطية بين النمطية والاختلاف وبين التقلل والإسراف.