الخوف من المستقبل ومتلازمة العلم والمال
كتب عبد العزيز ناصر
تثير العديد من الأمور اليوم؛ القلق والمخاوف لدى الناس، وعلى رأسها الخوف من المستقبل، والذي صار يُعد همًا شائعًا وطبيعيًا، حيث يتعامل الفرد مع الغموض وعدم اليقين الذي يحيط بما قد يحمله المستقبل. وفي عصرنا الحالي، يتزايد هذا الخوف نتيجة التحولات السريعة في مختلف جوانب الحياة.
ويظل الخوف من المستقبل قوة دافعة للأفراد، تدفعهم إلى السعي للسيطرة عليه. ومن منا لم يسمع نداء أب يحثنا على الدراسة من أجل مستقبلنا؟ من أجل أن نعيش حياة كريمة خالية من المعاناة، حياة تشمل الثروة والهيبة والاحترام. وكأن الرزق متشابك مع العلم.
وهذا الأمر يزعج الكثير من الأبناء، ويجعلهم يدرسون ضد ميولهم المهنية، ويتجاهلون أهوائهم الحقيقية. وتشير البيانات إلى أن العديد من التجار والأثرياء لم يتمكنوا من متابعة دراستهم. يروي الدكتور حسام موافي قصة فكاهية تحمل معاني عميقة تتجاوز العقول الضعيفة.
ويقول إنه عندما يعلن مديرو الثانوية النتائج النهائية، كانوا ينادون الأسماء من المركز الأول إلى الثاني فالثالث حتى يصلوا إلى الأخير، الذي يسمونه “الأخير”. فإذا كان معدله حوالي 53%، كان والده يمطره بالضرب والشتائم، خوفا عليه من المستقبل.
ويضيف الدكتور موافي بعد ذلك: “تباعدت بيننا الأيام وفرقتنا السنين”. جاءتني دعوة لحضور الاجتماع السنوي للمدرسة، واستجبت للدعوة. وأنا أنظر إلى نفسي باشا أستاذ في كلية الطب. وشهدت موكبا عظيما، نزل منه رجل، وفتح له الحاضرون الطريق. اقترب مني وقال: موافي، قلت له: الأخير، فأجاب: نعم.
وهذا الشخص الأخير المذكور هو رئيس مجلس إدارة شركة كبرى، ليس في مصر فقط بل في العالم أجمع. وأخيرا، من المهم أن نلاحظ أنه لا ينبغي لنا أن نربط بين الثروة والمعرفة، لأن أولئك الذين يربطون بين الاثنين ينتهي بهم الأمر إلى خسارة كليهما.
وفي الختام، يجب على الآباء مراعاة رغبات أبنائهم وميولهم عند اختيار مساراتهم الأكاديمية والمهنية. فالرزق بيد الله موجود في السماء قبل وجودهم وخلقهم. وأن يكون العلم من أجل العلم لامن أجل المال.